موقع أمريكي يكشف.. خطة يقودها ابن زايد لتشويه المسلمين أمام الغرب - شبكة صحتك

موقع أمريكي يكشف.. خطة يقودها ابن زايد لتشويه المسلمين أمام الغرب

جوجل بلس

كشف كاتب بريطاني عن خطة إماراتية خبيثة لتخويف الغرب من الإسلاميين عبر نشر أساطير في أوساط اليمين المتطرف تتحدث عن الخطر الإسلامي والغزو العربي لأوروبا.

ونشر موقع Lobe Log الأمريكي مقال لـ” أندرياس كريغ”، وهو الأستاذ مساعد متخصص في دراسات الأمن و “معهد دراسات الشرق الأوسط” في جامعة كينغز كوليدج في لندن، كشف فيه تفاصيل الدعم الإماراتي المالي لأحزاب اليمين المتطرف في الغرب وأصول هذه الأساطير التي تنشر الخوف من الإسلاميين وكيف نشأت بسبب مقاومة الحركات الإسلامية القديمة مثل الحركة السنوسية في ليبيا للاستعمار الغربي.

لماذا تجند الإمارات كل هذه الطاقات ضد الإسلاميين؟

يقول الكاتب: عندما اتصل بي «المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ألمانيا وهولندا» (.E.C.C.I) قبل بضعة أسابيع، أثارني الفضول لأعرف لماذا قد يتّخذ مركز بحثي، من المفترض أنه «أوروبي»، شعاراً له يتضمن اسم المركز مكتوباً باللغة العربية مع صقر أحمر الرأس شاخص إلى أعلى، وهو رمز يستخدم على نطاق واسع في الخليج. وعندما دققت النظر في موقع المركز، وجدت أن لديه روابط مع مركز أبحاث آخر برز فجأة خلال الفترة الأخيرة: مركز «عين أوروبية على التطرف» (EER).

وهو واجهة يمولها علي راشد النعيمي، ضابط مخابرات إماراتي سابق، والرئيس التنفيذي لـ «مركز هداية» الذي يقع مقره في أبوظبي، وأحد المقربين من رجل الإمارات القوي محمد بن زايد آل نهيان (MbZ).

وتتابع منشورات كل من المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب ومركز عين أوروبية على التطرف، السرديةَ الإماراتية، التي تنتهج مقاربةً ترى عدم التسامح بلا هوادة مع «النزعة الإسلامية/الإسلام السياسي/الأيديولوجيا الإسلامية» (Islamism).

إذ ترتكز شيطنة النزعة الإسلامية، بالنسبة إلى أبوظبي، على خوف عميق الجذور متغلغل في دائرة القوة التي يحتل محمد بن زايد مركزها، وهو خوف من النشاط المجتمعي المدني الذي يستمد شرعيته ليس من خلال قوة علمانية، بل من معتقد ديني.

خطة إماراتية لتخويف الغرب من الإسلاميين .. حلفاء مشبوهون

ومنذ اشتعل الربيع العربي، كان مسؤولو الإمارات في طليعة من استعملوا سردية «معاداة النزعة الإسلامية» و «مكافحة الإرهاب» وسيلةً لقمع المجتمع المدني في داخل الإمارات وفي جميع أنحاء المنطقة. ولتيسير هذه الجهود أقاموا شراكات مع حلفاء مشبوهين في الغرب، ليس أقلهم: جماعات يمينية تستمد دخولها وتعيش على تأجيج المخاوف من الإسلاميين.

وتعتمد هذه المجموعات على الترويج لنظريات مؤامرة شاذة وخطيرة، مثل أسطورة «عروبا» (Eurabia) [أي غزو العرب لأوروبا، وأسلمتها]، و «تحالف الأحمر والأخضر» [تحالف مزعوم بين أحزاب ديمقراطية اشتراكية وأحزاب بيئية (أو أحزاب يسارية بشكل عام) من جهةٍ مع جماعات إسلاموية، من جهةٍ أخرى]، لتوحي من خلال هذه الأساطير أن المسلمين يهيمنون شيئاً فشيئاً على الولايات المتحدة وأوروبا.

وكانت المنتديات المتأثرة بتلك المجموعات المتطرفة ذاتها هي من تولت نشر فكرة أن الرئيس أوباما كان بالسر مرشحاً مسلماً منشورياً [نسبة إلى منطقة منشوريا في شمال شرق الصين، تعرض لغسيل دماغ ويحمل مؤامرة سرية لتدمير الرأسمالية الغربية]، وأن مساعدة هيلاري كلينتون المقربة، هوما عابدين، كانت عميلة سرية لجماعة الإخوان المسلمين في وزارة الخارجية الأمريكية.

وأن المملكة المتحدة ما انفكت الشريعة الإسلامية تهيمن عليها، وأصبحت تسودها «مناطق خارج سيطرة الدولة وقوانينها» (no-go zones). في الوقت نفسه.

كان ثمة تشابك غريب أيضاً بين السرديات التي تستعملها أيديولوجيات الإسلاموفوبيا المعادية للإسلام، في المقام الأول، مروجةً لنظريات المؤامرة تلك، من جانبٍ، وبين الرسائل التي عملت الحكومة الإماراتية على نشرها من جانبٍ آخر، خلال محاولتها دسَّ نفسها للتأثير في تشكيل سياسات الأمن الداخلي للدول الأوروبية.

وعملت شبكة المعلومات المضللة التابعة للإمارات، والتي يرأسها خبراء في نسج القصص المضللة ينتمون للوبيات وشبكات ضغط سياسي مثل Harbour Group، وCamstoll في الولايات المتحدة، بالتعاون مع مدونين ومنظري المؤامرات، لإدخال هذه السرديات في تصورات التيار العام من الجمهوريين والمحافظين على مدار الأعوام الثمانية الماضية.

تدفقات مالية إماراتية تستهدف قطر والإسلاميين

وتحت ذريعة «محاربة التطرف»، موّلت التدفقات المالية الإماراتية فعاليات معاديةٍ للإسلاميين ومناهضةٍ لقطر في مؤسسات ومراكز المحافظين الجدد، مثل «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» (Foundation for the Defense of Democracies (FDD) ومعهد هَدسون، ومركز أبحاث «منتدى الشرق الأوسط» اليميني، وكذلك منظمات مثل «مشروع مكافحة التطرف»، وهي منظمة شقيقة لمجموعة ضغط أخرى تابعة للمحافظين الجدد، وهي «متحدون ضد إيران النووية».

وعلى النحو نفسه، خلال الربيع العربي، أخذت لوبيات الضغط السياسي التابعة للإمارات، في المملكة المتحدة، مثل Quiller Consultants، والآن  Pall Mall Communications وCornerstone Global Associates، تسمّم الخطاب العام من خلال تغذية وتمويل الصحفيين اليمينيّين الذين يتمتعون بسجل حافل في نشر نظريات المؤامرة المعادية للإسلام.

وفي فرنسا، تلقى حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف مؤخراً، دعماً مالياً لحملاته بقيمة 8 ملايين يورو، من مصدر مشبوه في أبوظبي.

وقد اخترقت الإدارات الأمريكية والحكومات البريطانية المتعاقبة هذه التحركات التضليلية، وتعرّفت إلى مخاطر نشر مثل هذه السرديات التشويهية، التي تعمد إلى نشر معلومات مضللة حول الخصوم (weaponized narratives).

ويُعيد مؤيدو «الخطر الإسلامي» اليوم تدويرَ وترديد دعايات المتعصبين القدامى. حتى إن دعاويهم تذكرنا بشكل مذهل، بتلك التي وردت في مقالة تعود إلى عام 1913، بعنوان «خطر الوحدة الإسلامية» (The Pan-Islamist Menace)، نُشرت في مجلة North American Review، التي كانت واحدة من أبرز المجلات الأدبية المرموقة آنذاك.

ويعتمد كاتبها، آرثر بولارد، في مقاله على الكتابات الاستشراقية في بريطانيا الاستعمارية، راسماً صورة مظلمة عما يدعوه مؤامرة إسلامية وحدوية. وإذا عدنا لقراءة مقالة بولارد التأجيجية الداعية للحرب، وما تدور حوله من دعاوى مثل «الانبعاث المتشدد للنزعة المحمدية [الإسلامية]»، وتعاليم الجمعيات السرية لدعاة الوحدة الإسلامية التي تهدد الهيمنة الاستعمارية الأوروبية في شمال إفريقيا، و «الحرب المقدسة»، يبرز أمران جديران بالذكر.

أولهما، أنه بسبب نزعته المؤمنة بالمؤامرات ولغته التي تعج بالإهانات العنصرية لخصومه، كان مضطراً حينها إلى التخفي وراء اسم مستعار استعمله، هو ألبرت إدواردز.

في حين أن دعوات الإسلاموفوبيا ومعاداة الإسلام اليوم، غالباً ما تكافأ وتتلقى الجوائز في المجتمعات الراقية، حتى إن العنصرية السائدة في هذه المجتمعات كثيراً ما يُحتفى بها بوصفها أصواتاً معارضة للتيار العام، وربما لو كان بولارد يكتب اليوم لوجد نفسه مغموراً بعروض كتابة مقالات افتتاحية، ومقابلات تلفزيونية في أوقات المشاهدة الرئيسية، وعروض هائلة لنشر الكتب. وعلى جانبي المحيط الأطلنطي، كان سيجد بجانبه رفاقه من حركة «الإلحاد الجديد»، في الوقت الذي تحيطه وسائل الإعلام بهالات التمجيد.

الأمر الثاني، هو أن الجدل حول «النزعة الإسلامية» دائماً ما كانت جذوره مستمدة من عنصرية وخوف غير عقلاني، يعتبر العالم الإسلامي كما لو أنه سطح مستو أحادي بلا تمايزات أو فروق، ويتعامل معه على أنه تهديد، وهو ما لم يتغير في تلك النظرة، بطبيعة الحال.

الخلط بين داعش والإسلاميين المنتخبين ديمقراطياً

لا تزال النزعة الإسلامية مفهوماً عصيّاً على الإحاطة الكاملة به، فهي تصف أيديولوجية وحركات سياسية وأشكال الحكم التي تستمد مرجعيةً إسلامية، غير أنها، مع ذلك، تُطرح أساساً على أنها شيء منفصل عن الإسلام.

ولم تفرق الكتابات الاستشراقية، في بريطانيا أو فرنسا الاستعماريتين في القرن التاسع عشر، صراحةً بين الإسلام كدين (Islam) والنزعة الإسلامية (Islamism) كأيديولجيا/مذهب/اتجاه، مثلما كانت تستخدم المسيحية كدين (Christianity) والنزعة المسيحية (Christianism) كأيديولجيا/مذهب/اتجاه بالتبادل.

ولم يتغير الأمر سوى بعد عام 1979، عندما شهد المفهوم إحياءً له، ارتبطت فيه النزعة الإسلامية/الإسلاموية بـاتجاهات «التطرف» و «العنف» التي من المفترض أنها تمثل مساعي المسلمين لإنشاء كيانٍ إسلامي واحد، يحكم العالم: وهي سردية تشبه إلى حدٍّ بعيد الأسطورة الرائجة بين المعادين للسامية حول مؤامرة يهودية عالمية.

وتلك المؤسسات التي تتخذ الصقور رموزاً لها ومن يقف وراءها، التقطت فكرة «النزعة الإسلامية» نموذجاً لفهم الانقسامات السياسية، لتأخذنا جميعاً في رحلة لا نهاية لها.

فهم يضعون تنظيم «الدولة الإسلامية» في الطيف السياسي ذاته مع مجموعات مثل حركات «الصحوات» القبلية أو «قوات الحشد الشعبي» في العراق، التي ضحت بكل شيء في سبيل وقف تقدم المتعصبين قاطعي الرؤوس. كما أنهم يريدون الادعاء بأن «جماعة الإخوان المسلمين» متعددة الأقطاب ذات الأطياف المتعددة، والتي فازت بأغلبية في الانتخابات الحرة والنزيهة الوحيدة التي شهدتها مصر في عام 2012، هي نفسها جزء من تنظيم القاعدة.

كيف كانت ليبيا هي بداية هذا البعبع؟

كان البعبع الذي صدَّره بولارد للتخويف هو «الحركة السنوسية» الليبية، وهي طريقة صوفية في شمال إفريقيا كانت تقاوم الاضطهاد الاستعماري، وزعم حينها أنها «حركة سرية كبيرة» تجمع بين تعاليم «صوفية غيبية لا عقلانية» وأهداف «شنِّ حرب على الكفار».

وحكام العرب المستبدون اليوم وحلفاؤهم من دعاة الإسلاموفوبيا ومعاداة الإسلام في أوروبا والولايات المتحدة، يستلهمون عقائد وقناعات عفى عليها الزمن، يقفون الموقف ذاته، ومن ثم فهم يستحقون أيضاً أن نسخر من أفكارهم ومعتقداتهم وأن نعاملها كتهديد لنا.

إن الهجمة الإماراتية التي تسعى لكسب قلوب وعقول الناس في الغرب وتستعديهم على الأطياف الرمادية المختلفة التي تضمها النزعة الإسلامية والإسلام السياسي، هي محاولة لخلق بُعبُعٍ تتناغم صرخاته مع جمهورٍ لا يحتاج سوى إلى دولةٍ ذات أغلبية مسلمة تدعم تحيزاته.

طيف ليبرالي لا ينتبه له هؤلاء المستبدون

وهذه السردية هي واجهة يختبئ خلفها المستبدون المعادون للثورات، لإضفاء الشرعية على القمع الذي يمارسونه، ولتبرير تدخلاتهم العسكرية في دول أخرى، ولقتل الصحفيين والناشطين وإخفائهم.

في مواجهة نسخة ثانية من الربيع العربي لا تنفك تكشف عن نفسها الآن، ستفشل السردية المزدوجة عن «الاستقرار السلطوي الاستبدادي» مقابل «الفوضى الإسلامية» في أن تحسب حساب طيف رمادي متنامٍ من مجتمع مدني ليبرالي يبرز شيئاً فشيئاً في العالم العربي، وهو طيف مرن بما يكفي لكي لا يرى في الإسلاميين محض تهديد وجودي، ويستطيع وضع أسس مستقبلٍ سياسي أكثر تعددية واستيعاباً لجميع طوائف المجتمع.

المصدر: وكالات